كتب عبدالله السعدي - الرياض
في فضاء التقنية والاتصالات تتصارع الشركات فيما بينها، ويكون الصراع عادة بين الشركات الكبيرة "التقليدية" المسيطرة والشركات الناشئة الابتكارية، التي تعكر صفو أعمالهم وأرباحهم بابتكاراتها. أكبر مشكلة تواجه الشركات الابتكارية الجديدة هي أنها تصطدم بأنظمة وتشريعات قديمة، لا تتوافق مع ابتكاراتها، وتتصادم -في أحيان كثيرة- مع مصالح الشركات المسيطرة؛ ما يؤدي إلى التضييق عليها.
نحن المستخدمين نسعد كثيرًا حينما نجد خدمات جديدة تُقدِّم لنا ميزات وخيارات أكثر توافقية من الخدمات التقليدية مع أحوالنا العملية، أو المادية، أو الاجتماعية، وأحيانًا السياسية؛ فتجدنا نتوجه لها؛ وتصبح جزءًا لا يتجزأ من قائمة الخدمات التي نستخدمها في حياتنا باستمرار.
من واتساب مرورًا بلاين وفايبر وسكايب إلى "وجه الوقت" (الفيس تايم)، الذي ذاع صيته مؤخرًا في انقلاب تركيا. كلها خدمات احترافية، لم تلقَ ترحيبًا من وزارة الاتصالات لدينا، ولا الشركات المشغلة؛ بحجة مخالفة قوانين وتشريعات "قديمة".
شخصيًّا، لا تروق لي سياسة حجب الخدمات، ولا تلك الحجة أبدًا؛ لأن هذا – في اعتقادي - يُعتبر عجزًا في القدرات والإمكانيات لركوب موجة الابتكار، التي ستكتسح وتتغلب على كل سياسات المنع العقيمة.
أنا هنا لا أدعو إلى مخالفة الأنظمة والتشريعات، وإنما أدعو وزارة الاتصالات والشركات المشغِّلة لدينا لاستيعاب أن هذه موجة كاسحة، يجب ركوبها من خلال تفعيل نشاطات البحث والتطوير (R&D) ؛ لابتكار خدمات موازية لتقديمها للمستخدمين. وأيضًا أدعوهم إلى الابتكار في خلق نماذج ربحية جديدة (Business Models) غير قائمة على الخدمات التقليدية؛ حتى لا يجدوا أنفسهم يومًا ما في آخر الركب.
سياسيًّا، يبدو أيضًا أن المسؤولين إلى اليوم لم يستوعبوا قوة تلك الخدمات، على الرغم من أننا رأينا أنها كانت اللاعب الأساسي في عمليات التواصل في فترات الأزمات السياسية، ولم تكن الخدمات التقليدية؛ والدليل على ذلك هو انقضاض الانقلابيين في تركيا على القنوات التقليدية، مثل التلفزيون والاتصالات، ونسوا "فيس تايم" وأخواته، الذي بسببه فشل مخططهم الكبير، الذي وُصف "بالمُحْكم".
هناك دول عدة على مستوى العالم تتبع سياسة حجب الخدمات لأسباب، منها ما هو سياسي، ومنها ما هو اجتماعي وفكري، لكن الفرق بيننا وبينهم هو أنهم يقومون بالحجب وتقديم خدمات بديلة، لا تقلُّ جودة واحترافية، ونحن نقوم بالحجب فقط.
صدقوني..
الابتكار في تلك المجالات لا يحتاج إلى علماء وعباقرة وخارقين للعادة، إنما فقط عقليات إدارية مبدعة ذات كفاءة عالية، تستوعب الواقع بشكل جيد فقط. ويا ليت قومي يعلمون