أريد أن أشعل (سواحل عدن)
تلك " المزدحمة بالحسرات "
لأنها صاخبة ، مغموسة في الضوضاء
قالوا لي أنها " عاصمة "
وأن كانت مزعجة
وانا رضيت بهذه المقولة مهما كانت موضوعة !
ها أنا أريد أن أوقف كل السيارات
أحرق كل السيارات
أدفن كل الكائنات المزعجة
أبتلع الضوضاء في معطفي الواسع ..
أريد أن أسمع " صوتك " ولو مرة واحدة بوضوح
أبحجة أن الأتصال دولي لا يحق لي أن أشعر
بتلك الموسيقى العذبة تتغلغل في أعماق روحي ؟
لا أحب أن يقاطعني أي شيء وانا أسمعك
لا أريد أن تمر أشعة الشمس من خلال معطفي المبلل بالظلام وانا اسمعك
لا أريد أي أتذوق نكهة العطر الحاد لتلك الفتاة التي ترنوا إلي كـ تمثال بأحدى الباحات النظيفة !
لا أريد أن تقاسمني أي العيون متعة شرب حزن الصباح معك
لا مانع أن أصعد إلى سطح حزني لكي لا تنقطع التغطية
لا مانع أن أصدر فرماناً بـ أيقاف المطر لأجل الشوق الدافيء الذي يهطل من عينيك !
أكره أن أتعثر بالصباح وانا أغازل الرصيف بنعالي المنهكة من كثر التشرد
أريد صباحاً لي ولك فقط
أريد سواحل عدن
تحتويني وإياك !
دون مؤثرات صوتية خانقة ..
دون أختراعات تكنولوجية تبدد حميمة مكالمتنا .
وأن كنت إلى الآن لا أعرف من ملامحك إلا الدفيء والهـدوء
ولا أعرف عن ضحكتك إلا أنها شفرة للجمال تترجمها أيقاعات أضلاعي
والسراب الذي تسكبة نداءات السائرين في الجوار .
وصاحب " البقالة " الذي يومي لي وفي لسانه تحية تقطعها هرولتي
نعم قلتها لك سابقاً
أنا مشغولُ جداً " وأعني ذلك "
بكل هذا الفراغ القاتل وأنثاء عطلتي الـ لا منتهية
مشغولُ جداً
مزدحم بالضوضاء
والأحزان تتكاتف عن بوابة أحلامي
وفنجاني الملطخ بالملل يبصق السكر في وجهي
ويقول هاذا أنا " المر " تحمل
أشربني كما أنا !
لا أحب أشياء كثيرها تشاركني انت !
أنا أكره الأنتظار جداً ولكن لأنك أخبرتني أنك ستعاود الأتصال
أحتضنت هاتفي بكلتا " قبضتي " وركضت مسرعاً صوب الربيع
وقعدت أناغي أيقاعك الأخضر
أحاول أن أسجل مقاطعاً منه في الذاكرة للحظات الشوق المرعبة التي تشقق مساءاتي غالباً
كنت أنتظرك بحق
رغم كرهي للأنتظار وللجوال " ذاك السفير الأول للشقاء "
أنت وحدك جعلتني أعيد النظر في فيروز
وعلمتني أنها ليست هي الوحيدة التي صوتها يسافر بك إلى الجنة دون نقاط تفتيش
ودون أن يطلبك أحدهم " البطاقة " المغيبة في رحم المعاملات القذرة
لا يجبرني صوتك أن أبتذل أي رشوة من أجله
هو يأتي فقط بقليل من الدلال الممزوج بحلم بدوي جامح !
سأحاول ترويض أحلامي لأجلك
سأتقبل الأنتظار للمحطات القادمة
سأزور دكاكين بيع الأماني المشلحة ..
وأن كنتُ " كاذب " أو مبتذل
وأنت لا تصدقني
وأنت قلت لي مراراً حاول أن تجعلني أصدقك مرة واحدة
كم موعداً تأخرت عليه
ليس لأني مهمل لتمثالك العاجي في دفتر مواعيدي
وليس لأني أكره هاتفي " النوكيا " الذي يرسل النغمات النشاز
وكم قلت لي مرة " كم معرفاً " في المنتديات تكتب به
وعجزت أن أقنعك أن لصوص الليل تقتات على حرفي للشهرة
أنا أصاحب الحرف لأجلك وهم يسرقوا وجهي الحزين بقصد الأضواء
ومازلت تتهمني بكثرة الأقنعة
تتهمني بوجودي في حياتهم الدنيا !
أنا " كاذبُ " لان أحدهم سرق الصدق من مقلتي
ذات تحديق بمشهد الحياة المتكرر
أتذكر أخر شظية كسرتني
أتذكرني مبعثراً دون أن يكلف أحدهم نفسة في " لملمة أجزائي المبعثرة "
في ظل غلاف جوي من الحسرات يحرق كل نظرات الأشفاق والأحسان
الذي كان يبتذلها الغرباء الذي أعرفهم جيداً نحوي .
هل قلت لك بأني وحيد ؟
انا كاذب نعم " كاذب جداً " كالعادة
لأني أقضيت اليوم برفقة حزني ووحدتي عن يمين وعن يسار
ذهبت وعزمتهم على كأس من " البن اليافعي "
وحلف حزني أن لا أدفع ريالاً واحداً لأنه سيتكلف بجميع مصاريف تشردي !
ظللت أناجي وحدتي طوال الطريق
كنتٌ أمخر عباب الليل بأحتراف
هكذا نحنُ البؤساء نعرف كيف نعامل المساء
أعرف كيف أضيع أحلامي المبتورة في ثكناته
أعرف كيف أكون حاوية للألم
أعرف كيف أكون مستودع للحسرات
تعلمت كيف أقتل من " أحب " وأدفنهم في مرآب الذاكرة الخلفي
ذلك لأني أحببتهم كثيراً .. وأن كنتُ أدعي أني لا أحب
وحين أحببتهم قرروا أن يجبروني على نفيهم
نعم نفيتهم بعيداً
في كوكب الغرباء
علبتهم في قارورة " البيبسي "
فأخطائهم من النوع الذي لا يغفر
أخطاء شاسعة
كبيرة
بأمتداد حلمي
وبطول نقاءك
وتخيل بالرغم أني أعرف أنهم مذنبون
إلا أني كنتُ أغفر لهم جميعاً
وأتقرب منهم
ولكن لماذا أعامل بكل هذا الأزدراء من قبلهم ؟
هل لأني أحبهم ؟
هل لأني أشتاق لهم ؟
هل لأني متواضع مع الجميع ؟
وتساؤلاتُ كثيرة حشوتها في فم ذاك المساااء البغيــض
ودفنتهم مرة أخرى في مرآب الذاكرة الخلفي
وأن كنت أشتاق لهم عند كل وجع
وقبل كل وجبة من فشل في تجاوزهم !
وحدتي تقول أنها كفيلة بتوفير كل مستلزمات البقاء لي
وحدتي تقول أني لا أحتاج لهم .
وتقول بأني " صغير السن " ومازال المستقبل أمامي
أي مستقبل ذاك الذي أسرني في زنزانةُ للوهم
وأقسم أن يقتلع جناحي من عيناي !
لا يسمح لي بأن أكون معك
أنظر كيف تصنع بنا الحدود ونقاط التفتيش
وانت لا تشاركني في كرهي للسلطة والشرطة والسياسة
لا تشاركني في كرهي لجنكيز خان وحبي لهتلر !
هل تعرف وانا أنتظر صوتك
أشعر بحزن طويل المـدى
يشعل الحنين في شموع الذاكرة
يصنع مني صائداً للأمنيات
أتربص بها عند كل رصيف
عند كل شبر دعسته بالخطأ وانا مغموراً بسعادة صوتك " الكلاسيكي العميق "
في محاولة للهرب مني ..
سأنتظرك على الرصيف
وسأعاود شحن جوالي كما يجب !
سأخلع قناعي
وأن كان وجهي الحقيقي قناع
سألعب تحت المطر دون أن أخشى أن يتسخ ثوبي الأبيض
سأسبح في ملكوت روحانية الله
وأتأمل في جمالك وأتوب إلية
من كل ذنب أقترفتة في حبهم
من كل خطيئة مارستها في جسد قط لم ألمسه
من كل الخيالات التي راودتني بغرض أسعادهم
من كل مذكراتي الشقية
من قلمي المتعجرف
من أشياء كثيرة يجب أن أحرقها هي أيضاً
بجانب العاصمة [وهم] وذاكرتي والعطر والسيارات
سأجعلك قبلتي التي لا ينضب ماءها الزمزم
فلا شيء أحب مثل أن تقاطعني أنت ..
لا شيء أحب مثل أن تصرح لي أن صوتي بعيد كـ الصدى
لا شيء أحب مثل قهقهتك التي تفتح مغارة علي بابا أمامي ..
أذاً إياك أن تخطأ أي تلك - الأخطاء - التي لا تغفر
فاني ان كنت صامتاً
لا يعني هذا أني لا أشعر
وأن كنت متسامحاً
لا يعني هذا أن انتقامي يسير
لستُ أطلب منك أن تعيد أخي المفقود إلى الأبد
ولا أن تقنع أبي بفكرة المبيت خارج البيت
لستٌ أطلب منك القفز فوق مطب المستحيلات
كل ما أريد
ان تكون هادئاً كما انت
وان أكون معك كما أنا
وقليلاً من الهــــــدوووووووووووووووووووء
فما عاد في المساء وريد
يملك من الظلام ما يٌنزف
جريح الامس