لَقَدْ كُنتُ أحْياناً صَبُوراً فَهاجَني = مَشاعِفُ بالدّيرَينِ رُجْحُ الرّوادِفِ
نَواعِمُ لمْ يَدْرِينَ ما أهْلُ صِرْمَةٍ = عِجافغ وَلمْ يَتبَعنَ أحمالَ قائِفِ
وَلَمْ يَدّلِجْ لَيْلاً بِهنّ مُعَزِّبٌ = شَقيٌّ وَلمْ يَسمَعن صَوتَ العَوَازِفِ
إذا رُحْنَ في الدّيباجِ، والخَزُّ فَوْقَهُ، = مَعاً، مثل أبكارِ الهِجانِ العَلائِفِ
إلى مَلْعَبٍ خَالٍ لَهُنّ بَلَغْنَهُ = بدَلِّ الغَوَاني المُكرَماتِ العَفائِفِ
يُنازَعْنَ مَكنُونَ الحَديِثِ كأنّما = يُنازعْن مِسكاً بالأكُفّ الدّوَائِفِ
وَقُلْنَ للَيْلى: حَدّثِينا، فَلَمْ تكدْ = تَقُولُ بِأدْنَى صَوْتِها المُتَهانِفِ
رَوَاعِفُ بِالجادِيّ كُلَّ عَشِيّةٍ، = إذا سُفْنَهُ سَوْفَ الهِجانِ الرّوَاشِفِ
بَناتُ نَعِيمٍ زانَها العيشُ والغِنى= يَمِلنَ إذا ما قُمنَ مثلَ الأحاقِفِ
تَبَيّنْ خَليلي هَلْ تعرَى من ظَعائِنٍ = لِمَيّةً أمْثالِ النّخِيلِ المَخارِفِ
تَواضَعُ حَت يَأتي الآلُ دُونَها = مِراراً وَتَزْهاها الضّحى بالأصَالِفِ
إذا عَرَضَتْ مَرّتْ على الُّلجّ جَارِياً،= تَخالُ بها مَرَّ السّفِينِ النّوَاصِفِ
يَجُورُ بهَا المَلاّحُ ثُمّ يُقيِمُها، = وَتَحْفِزُها أيْدي الرّجالِ الجَوَاذِفِ
إليكَ ابن خيرِ الناسِ حمّلتُ حاجَتي= عَلى ضُمّرٍ كُلّفن عَرْضَ السّنائِفِ
بَناتِ المَهاري الصُّهْبِ كلِّ نَجيبَةٍ = جُمَالِيّةٍ تَبْرِي لأعْيَسَ رَاجِفْ
يَظَلّ الحَصى مِنْ وَقْعِهِنّ كأنّما = تَرَامى به أيدي الأكُفّ الحَوَاذِفِ
إذا رَكِبَتْ دَوّيّةً مُدْلَهِمّةً، = وَصَوّتَ حاديِهَا لَها بِالصّفاصِفِ
تَغالَيْنَ كالجِنّانِ حَتى تَنُوطهُ = سُرَاها وَمَشْيُ الرّاسِمِ المُتَقاذِفِ
عِتاقٌ تَغٍشّتْها السُّرَى، كُلَّ لَيلَةٍ،= وَرُكْبانُها كالمَهْمَهِ المُتَجانِفِ
كأنّ عَصِيرَ الزّيْتِ مِمّا تَكَلّفَتْ = تَحَلّبَ مِنْ أعْناقِها وَالسّوَالِفِ
عَوَامِدُ للعَبّاسِ لمْ تَرْضَ دُونَهُ = بقَوْمٍ وَإنْ كانُوا حِسانَ المطارِفِ
لتَسْمَعَ مِنْ قَوْلي ثَناءً وَمَدْحَةً، = وَتَحَمِلَ قَوْلي يا ابنَ خَيرِ الخَلائِفِ
وَكمْ من كَرِيمٍ يَشتكي ضَعْفَ عظمه= أقَمْتَ لَهُ ما يَشتَكي بالسّقائِفِ
وآَمَنْتَهُ مِمّا يَخافُ، إذا أوَى = إلَيْكَ، فَأمْسَى آمِناً غَيرَ خائِفِ
وأنْتَ غِياثُ المُمحِلِينَ إذا شَتَوْا،= وَنُورُ هِدىً يا ابنَ المُلُوكِ الغطارِفِ
ثَنائي على العَبّاسِ أكْرَمِ من مشَى= إذا رَكِبُوا ثمّ التَقَوْا بِالمَوَاقِفِ
تَراهُمْ، إذا لاقاهِمُ يَوْمَ مَشْهَدٍ، = يَغُضّونَ أطرَافَ العُيُونِ الطّوَارِفِ
وَلَوْ ناهَزُوهُ المَجْد أرْبَى عَلَيْهِمُ = بِخَيْرِ سُقَاةٍ، تَعلَمونَ، وَغارِفِ
وَتَعْلُو بُحُورَ العالمِينَ بحُورُهُمْ، = بِفِعْلٍ عَلى فِعْلِ البَرِيّةِ ضَاعِفِ
ومَا وَلَدَتْ أُنْثَى مِنَ النّاسِ مِثْلَهُ، = وَلا لعفّهُ أظْآرُهُ في اللّفائِفِ
وَلمّا دَعا الدّاعُونَ وانْشَقّتِ العَصَا، = وَلمْ تَخْبُ نِيرَانُ العَدُوّ المُقاذِفِ
فَزَعْنا إلى العَبّاسِ مِنْ خَوْفِ فِتَنةٍ = وَأنْيَابِها المُسْتَقْدِماتِ الصّوَارِفِ
وَكَمْ مِنْ عَوانٍ فَيْلَق قَدْ أبرْتَها = بأُخْرَى إلَيها بالخَميسِ المُرَاجِفِ
فَقَدْ أوْقَعَ العبّاسُ إذْ صَارَ وَقَعةً = نهَتْ كُلّ ذي ضِغْنٍ وَداءٍ مُقارِفِ
وَأغَنَيتَ مَن لمْ يَغنَ من أبطإ السُّرَى، = وَقَوّمْتَ دَرْءَ الأزْوَرِ المُتَجانِفِ
وَأنتَ الّذي يُخْشَى وَيُرْمى بك العدى = إذا أحْجَمَتْ خَيلُ الجيادِ المَخالِفِ
سَمَوْتَ فلمْ تَترُكْ على الأرْضِ ناكثاً،= وَآمَنْتَ مِنْ إحيائِنا كُلَّ خائِفِ
أبَرْتَ زُحُوفَ المُلْحِدِينَ وَكِدتَهم = بمُسْتَنصِرٍ يَتْلُو كِتابَ المَصَاحِفِ
تَأخّرَ أقْوَامٌ، وَأسْرَعْتَ للّتي = تُغَلّلُ نُشّابَ الكَميّ المُزَاحِفِ
وَأنْتَ إلى الأعْدَاءِ أوّلُ فَارِسٍ = هُناكَ، وَوَقّافٌ كَرِيمُ المَوَاقِفِ
بِضَرْبٍ يُزيلُ الهَامَ عَنْ مُستَقَرّهِ، = وَطَعْنٍ بِأطْرَافِ الرّماحِ الجَوَائِفِ
سَبَقتَ بأهْلِ الكوفةِ المَوْتَ بَعدَما= أُرِيدَ بإحدى المُهلِكاتِ الجَوَالِفِ
فَلمْ يُغنِ مَن في القصرِ شيئاً وَصَيّحوا = إلَيكَ بأصْوَاتِ النّساءِ الهَوَاتِفِ
أخُو الحَرْبِ يَمْشِي طاوِياً ثمّ يَقتدي = مُدِلاًّ بِفُرْسَانِ الجيِادِ المَتَالِفِ
يُغادِرْنَ صَرْعَى مِنْ صَناديدَ بَينَها = بِسُورَاءَ في إجْرَائِها وَالمَزَاحِفِ
وَما طَعِمَتْ مِنْ مَشَرَبٍ مُذ سقيَتها= بِتَدْمُرَ إلاّ مَرّةً بِالشّفَائِفِ
مِنَ الشّأمِ حتى باشَرَتْ أهْلَ بابلٍ = وَأكْذَبْتَ مِمّا مّعُوا كلَّ عائِفِ
وَقَدْ أبْطَأ الأشْيَاعُ حَتى كَأنّما = يُساقُونَ سَوْقَ المُثْقَلاتِ الزّوَاحِفِ
لَعَمرِي! لقد أسرَيتَ لا لَيل عاجزٍ= وَما نمتَ فيمَنْ نامَ تحتَ القَطائِفِ
فَجاءوا وَقَدْ أطفَأتَ نِيرَانَ فِتْنَةٍ، = وَسكّنتَ رَوْعاتِ القُلُوبِ الرّوَاجِفِ