* باب قِصَّةِ خُزَاعَةَ
الشرح:
قوله: (باب قصة خزاعة) اختلف في نسبهم مع الاتفاق على أنهم من ولد عمر بن لحي باللام والمهملة مصغر وهو ابن حارثة بن عمرو بن عامر بن ماء السماء، وقد تقدم نسبه في أسلم وأسلم هو عم عمرو بن لحي، ويقال إن اسم لحي ربيعة، وقد صحف بعض الرواة فقال عمرو بن يحيى، ووقع مثل ذلك في " الجمع للحميدي " والصواب باللام وتشديد الياء آخره مصغر، ووقع في حديث جابر عند مسلم " رأيت أبا ثمامة عمرو بن مالك " وفيه تغيير لكن أفاد أن كنية عمرو أبا ثمامة، ويقال لخزاعة بنو كعب، نسبوا إلى جدهم كعب بن عمرو بن لحي، قال ابن الكلبي، : لما تفرق أهل سبأ بسبب سيل العرم نزل بنو مازن على ماء يقال له غسان، فمن أقام به منهم فهو غساني، وانخزعت منهم عمرو بن لحي عن قومهم فنزلوا مكة وما حولها فسموا خزاعة، وتفرقت سائر الأزد، وفي ذلك يقول حسان بن ثابت: ولما نزلنا بطن مر تخزعت خزاعة منا في جموع كراكر ووقع في حديث الباب أنه عمرو بن لحي بن قمعة ابن خندف، وهذا يؤيد قول من يقول إن خزاعة من مضر، وذلك أن خندف بكسر المعجمة وسكون النون وفتح الدال بعدها فاء اسم امرأة إلياس بن مضر، واسمها ليلى بنت حلوان بن عمران بن الحاف بن قضاعة، لقبت بخندف لمشيتها، والخندفة الهرولة، واشتهر بنوها بالنسبة إليها دون أبيهم لأن إلياس لما مات حزنت عليه حزنا شديدا بحيث هجرت أهلها ودارها وساحت في الأرض حتى ماتت، فكان من رأى أولادها الصغار يقول من هؤلاء؟ فيقال بنو خندف.
إشارة إلى أنها ضيعتهم، وقمعة بفتح القاف والميم بعدها مهملة خفيفة ويقال بكسر القاف وتشديد الميم.
وجمع بعضهم بين القولين أعني نسبة خزاعة إلى اليمن وإلى مضر فزعم أن حارثة بن عمرو لما مات قمعة ابن خندف كانت امرأته حاملا بلحي فولدته وهي عند حارثة فتبناه فنسب إليه، فعلى هذا فهو من مضر بالولادة ومن اليمن بالتبني.
وذكر ابن الكلبي أن سبب قيام عمرو بن لحي بأمر الكعبة ومكة أن أمه فهيرة بنت عمرو بن الحارث بن مضاض الجرهمي وكان أبوها آخر من ولي أمر مكة من جرهم فقام بأمر البيت سبطه عمرو بن لحي فصار ذلك في خزاعة بعد جرهم، ووقع بينهم في ذلك حروب إلى أن انجلت جرهم عن مكة، ثم تولت خزاعة أمر البيت ثلاثمائة سنة إلى أن كان آخرهم يدعى أبا غبشان بضم المعجمة وسكون الموحدة بعدها معجمة أيضا واسمه المحرش بمهملة ثم معجمة ابن حليل بمهملة ولامين مصغر ابن حبشية بفتح المهملة وسكون الموحدة بعدها معجمة ثم ياء نسب ابن سلول بفتح المهملة ولامين الأولى مضمومة ابن عمرو بن لحي، وهو خال قصي بن كلاب أخو أمه حبي بضم المهملة وتشديد الموحدة مع الإمالة، وكان في عقله شيء فخدعه قصي فاشترى منه أمر البيت بأذواد من الإبل، ويقال بزق خمر، فغلب قصي حينئذ على أمر البيت، وجمع بطون بني فهر وحارب خزاعة حتى أخرجهم من مكة؛ وفيه يقول الشاعر: أبوكم قصي كان يدعي مجمعا به جمع الله القبائل من هر وشرع قصي لقريش السقاية والرفادة، فكان يصنع الطعام أيام منى والحياض للماء، فيطعم الحجيج ويسقيهم، وهو الذي عمر دار الندوة بمكة، فإذا وقع لقريش شيء اجتمعوا فيها وعقدوه بها.
الحديث:
حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ أَبِي حَصِينٍ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ عَمْرُو بْنُ لُحَيِّ بْنِ قَمَعَةَ بْنِ خِنْدِفَ أَبُو خُزَاعَةَ
الشرح:
قوله: (عمرو بن لحي بن قمعة بن خندف أبو خزاعة) أي هو أبو خزاعة، ووقع في رواية أبي نعيم عن إسرائيل بهذا السند عند الإسماعيلي " خزاعة بن قمعة بن عمرو ابن خندف " وفيه تغيير بالتقديم والتأخير؛ وعنده من طريق أبي أحمد الزبيري عن إسرائيل " عمرو أبو خزاعة بن قمعة ابن خندف " وهذا يوافق الأول لكن بحذف لحي، وبأن يعرب ابن قمعة أعراب عمرو لا إعراب أبو خزاعة، وأصوبها الأول، وهكذا روى أبو حصين هذا الحديث عن أبي صالح مختصرا، وأخرجه مسلم من طريق سهيل بن أبي صالح عن أبيه أتم منه ولفظه " رأيت عمر وبن لحي بن قمعة ابن خندف يجر قصبه في النار " وأورده ابن إسحاق في " السيرة الكبرى " عن محمد بن إبراهيم التيمي عن أبي صالح أتم من هذا ولفظه " سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لأكثم بن الجون: رأيت عمرو بن لحي يجر قصبه في النار، لأنه أول من غير دين إسماعيل، فنصب الأوثان وسيب السائبة وبحر البحيرة ووصل الوصيلة وحمى الحامي " ووقع لنا بعلو في " المعرفة " وعند ابن مردويه من طريق سهيل بن أبي صالح عن أبيه نحوه، وللحاكم من طريق محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة، لكنه قال: " عمرو بن قمعة " فنسبه إلى جده، وروى الطبراني من حديث ابن عباس رفعه " أول من غير دين إبراهيم عمرو بن لحي بن قمعة ابن خندف أبو خزاعة " وذكر الفاكهي من طريق عكرمة نحوه مرسلا وفيه " فقال المقداد: يا رسول الله من عمرو بن لحي؟ قال: أبو هؤلاء الحي من خزاعة " وذكر ابن إسحاق أن سبب عبادة عمرو بن لحي الأصنام أنه خرج إلى الشام وبها يومئذ العماليق وهم يعبدون الأصنام فاستوهبهم واحدا منها وجاء به إلى مكة فنصبه إلى الكعبة وهو هبل، وكان قبل ذلك في زمن جرهم قد فجر رجل يقال له أساف بامرأة يقال لها نائلة في الكعبة فمسخهما الله جل وعلا حجرين، فأخذهما عمرو بن لحي فنصبهما حول الكعبة، فصار من يطوف يتمسح بهما، يبدأ بأساف ويختم بنائلة.
وذكر محمد بن حبيب عن ابن الكلبي أن سبب ذلك أن عمرو بن لحي كان له تابع من الجن يقال له أبو ثمامة فأتاه ليلة فقال: أجب أبا ثمامة، فقال: لبيك من تهامة، فقال: أدخل بلا ملامة، فقال: أيت سيف جدة، تجد آلهة معدة، فخذها ولا تهب، وادع إلى عبادتها تجب.
قال فتوجه إلى جدة فوجد الأصنام التي كانت تعبد في زمن نوح وإدريس، وهي ود وسواع ويغوث ويعوق ونسر، فحملها إلى مكة ودعا إلى عبادتها فانتشرت بسبب ذلك عبادة الأصنام في العرب، وسيأتي زيادة شرح ذلك في تفسير سورة نوح إن شاء تعالى.
الحديث:
حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ قَالَ الْبَحِيرَةُ الَّتِي يُمْنَعُ دَرُّهَا لِلطَّوَاغِيتِ وَلَا يَحْلُبُهَا أَحَدٌ مِنْ النَّاسِ وَالسَّائِبَةُ الَّتِي كَانُوا يُسَيِّبُونَهَا لِآلِهَتِهِمْ فَلَا يُحْمَلُ عَلَيْهَا شَيْءٌ قَالَ وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَيْتُ عَمْرَو بْنَ عَامِرِ بْنِ لُحَيٍّ الْخُزَاعِيَّ يَجُرُّ قُصْبَهُ فِي النَّارِ وَكَانَ أَوَّلَ مَنْ سَيَّبَ السَّوَائِبَ
الشرح:
قوله في الرواية الأخرى عن أبي هريرة (عمرو بن عامر الخزاعي) كذا وقع نسبه في حديث ابن مسعود عند أحمد ولفظه " أول من سيب السوائب وعبد الأصنام عمر وبن عامر أبو خزاعة " وهذا مغاير لما تقدم، وكأنه نسب إلى جده لأمه عمرو بن حارثة بن عمرو بن عامر، وهو مغاير لما تقدم من نسبة عمرو بن لحي إلى مضر، فإن عامرا هو ابن ماء السماء بن سبأ وهو جد جد عمرو بن لحي عند من نسبه إلى اليمن، ويحتمل أن يكون نسب إليه بطريق التبني كما تقدم قبل، وسيأتي الكلام على الوصيلة والسائبة وغيرهما في تفسير سورة المائدة إن شاء الله تعالى.
قال ابن هشام : خندف بنت عمران بن الحاف بن قضاعة .
قال ابن إسحاق : وكان اسم مدركة عامرا ، واسم طابخة عمرا ; وزعموا أنهما كانا في إبل لهما يرعيانها ، فاقتنصا صيدا فقعدا عليه يطبخانه وعدت عادية على إبلهما ، فقال عامر لعمرو : أتدرك الإبل أم تطبخ هذا الصيد ؟ فقال عمرو : بل أطبخ فلحق عامر بالإبل فجاء بها ، فلما راحا على أبيهما حدثاه بشأنهما ، فقال لعامر أنت مدركة وقال لعمرو : وأنت طابخة ( وخرجت أمهم لما بلغها الخبر وهي مسرعة فقال لها : تخندفين فسميت خندف ) .
وأما قمعة فيزعم نساب مضر : أن خزاعة من ولد عمرو بن لحي بن قمعة بن إلياس .
خندف :
حلف قديم تندرج تحته القبائل التاليه :
مطير ـ ثقيف ـ سبيع ـ غامد ـ البقوم ـ والجحادر ـ سليم .
شبابه :
حلف قديم تندرج تحته القبائل التاليه:
عتيبه ـ حرب ـ زهران ـ عنزه ـ بني مالك ـ باالحارث ـ هذيل ( وليس كل قبائل عتيبه وهذيل تدخل في شبابه ، وانما ( روق ) من عتيبه ، وعمير والمساعيد من هذيل ).
أسباب نشأة الحلفين :
في أواخر القرن الرابع الهجري ، قامت دولة الأشراف الحسنيين في مكه ، وكان مؤسسها ـ الحسن بن قتاده بن أدريس ...ينتهي نسبه في الحسن بن علي ابن أبي طالب رضي الله عنهما.
وقد كان من أكبر العقبات التي واجهتها هذه الأماره الفتيه هي ، قبائل هوازن العدنانيه في ذلك الوقت ، وكان عماد تلك القبائل وقوتها في بنو هلال بن عامر بن صعصعه بن معاوية بن بكر بن هوازن ـ تلك القبائل كانت دائمة التمرد على شريف مكه ، الذي استعان عليها بمناؤيها الأقربون .. وبذا تشكل حلف ( خندف ) من قبائل أرتضت امارة أشراف مكه ودخلت معها في حروبها ضد هوازن وزعيمتها بني هلال ـ
وباالمقابل استعانت هوازن باالقبائل القريبه منها في الديار أولآ ـ مثل بني مالك وباالحارث وزهران ـ حيث كانت أغلب هذه القبائل متجاوره في الديار ، وانضمت اليها فيما بعد قبائل شمال مكه وجنوب المدينه ، من حرب وعنزه( قبل رحيلها من خيبر الى الشام وأطراف العراق ).
وقد كان من نتائج هذه الحرب الضروس ـ هزيمة بني هلال وأحلافها ، ورحيلها في أول الأمر الى ( نجد ) يصحبها عدد من قبائل قيس عيلان ، مثل : زعب .. السهول .. بنوعقيل ( الذين كان منهم بني خالد فيما بعد ) ـ ثم كانت هجرتهم الشهيره الى المغرب ...
ومن الجدير باالذكر ـ أن هذين الحلفين لم يستمرا بنفس القوه والمواصله في النصره وقت الأزمات ، وقد أستعاد هذين الحلفين مكانتهما أخر مره في معركة ـ بسل ـ الشهيره ، التي خاضتها القوات السعوديه ضد قوات طوسون باشا ، سنة 1230 هجريه . اذ كانت رايات القبائل حسب أحلافها .
والحلفين لم يقوما على أساس القرابه في النسب اطلاقآ ، اذ أغلب قبائل الحلفين غير متجانسه في الأنساب ـ دليل ذلك : دخول ( غامد) في خندف ، بينما ( زهران ) في شبابه ، وكما نعلم فان غامد وزهران أخوه في النسب .
وخندف ـ لغة: من صفات الخيل ، وتاريخيآ: هي أمرأة مضر بن نزار بن معد بن عدنان .
أما شبابه ـ فهي مجموعة قبائل اشتهرت بها قبائل ـ زهران ، وبجيله ، وعدوان ، وسعد بن بكر ـ اذ كان في كل واحده من هذه القبائل فخذآ يدعى شبابه ، وهناك سراة تدعى سراة شبابه ـ لم يعد لها اليوم وجود ، وهي من ضمن ديار بني مالك
منقول ((بدمج من عدة مصادر))